Поможем написать учебную работу
Если у вас возникли сложности с курсовой, контрольной, дипломной, рефератом, отчетом по практике, научно-исследовательской и любой другой работой - мы готовы помочь.
Если у вас возникли сложности с курсовой, контрольной, дипломной, рефератом, отчетом по практике, научно-исследовательской и любой другой работой - мы готовы помочь.
"الاقتصاد في الاعتقاد"
تأليف
الإمام الحافظ أبي محمد عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي
(600-541)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
رب يسر و أعن
و الحمد لله وحده حسبنا الله و نعم الوكيل.
قال الشيخ الإمام العالم الزاهد الحافظ تقي الدين أبو محمد عبدالغني بن عبدالواحد بن علي بن سرور الحنبلي المقدسي:
الحمد لله المتفرد بالكمال و البقاء و العز و الكبرياء الموصوف بالصفات و الأسماء المنزه عن الأشباه و النظراء الذي سبق علمه في بريته بمحكم القضاء من السعادة و الشقاء و استوى على عرشه فوق السماء و صلى الله على الهادي إلى المحجة البيضاء و الشريعة الغراء محمد سيد المرسلين و الأنبياء و على آله و صحبه الطاهرين الأتقياء صلاة دائمة إلى يوم اللقاء.
مذهب السلف في الأسماء و الصفات
اعلم وفقنا الله و إياك لما يرضيه من القول و النية و العمل و أعاذنا و إياك من الزيغ و الزلل أن صالح السلف و خيار الخلف و سادة الأئمة و علماء الأمة اتفقت أقوالهم و تطابقت آراؤهم على الإيمان بالله و أنه أحد فرد صمد حي قيوم سميع بصير لا شريك له و لا وزير و لا شبيه له و لا نظير و لا عدل و لا مثل.
و أنه موصوف بصفاته القديمة التي نطق بها كتابه العزيز الذي "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" (فصلت: 42) و صح بها النقل عن نبيه و خيرته من خلقه محمد سيد البشر الذي بلّغ رسالة ربه و نصح لأمته و جاهد في الله حق جهاده و أقام الملة و أوضح المحجة و أكمل الدين و قمع الكافرين و لم يدع لملحد مجالا و لا لقائل مقالا.
فروى طارق بن شهاب قال: جاء يهودي إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر يهود نزلت نعلم اليوم الذي نزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال: أي آية؟ قال: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" (المائدة: 3).
فقال: إني لأعلم اليوم الذي نزلت و المكان نزلت على رسول الله (صلى الله عليه السلام) و نحن بعرفة عشية جمعة".
فآمنوا بما قال الله سبحانه في كتابه و صح عن نبيه و أمرّوه كما ورد من غير تعرض لكيفية و اعتقاد شبهة أو مثلية أو تأويل يؤدي إلى التعطيل و وسعتهم السنة المحمدية و الطريقة المرضية و لم يتعدوها إلى البدعة المردية الردية فحازوا بذلك الرتبة السنية و المنزلة العلية.
صفة الاستواء و العلو
فمن صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه و نطق بها كتابه و أخبر بها نبيه: أنه مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه فقال عز من قائل: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" (الأعراف: 54) و قال: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" (يونس: 3) و قال: "اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" (الرعد: 2) و قال: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" (طه: 5) و قال: "الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" (الفرقان: 59) و قال: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" (السجدة: 4) و قال: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" (الحديد: 4).
فهذه سبعة مواضع أخبر الله فيها سبحانه أنه على العرش.
و روى أبو هريرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه السلام) يقول: "إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي. فهو عنده فوق العرش".
و روى العباس بن عبدالمطلب أن النبي (صلى الله عليه السلام) ذكر سبع سماوات و ما بينها ثم قال: "و فوق ذلك بحر بين أعلاه و أسفله كما بين سماء إلى سماء ثم فوق ظهورهن العرش ما بين أعلاه و أسفله ما بين سماء إلى سماء و الله تعالى فوق ذلك". رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجه القزويني.
و قالت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه السلام) و مالك بن أنس في قوله عز و جل: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" (طه: 5): الاستواء غير مجهول و الكيف غير معقول و الإقرار به إيمان و الجحود به كفر.
و روى أبو هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه السلام) قال: "و الذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى".
و روى أبو سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "ألا تأمنوني و أنا أمين من في السماء يأتيني خبر من في السماء صباحا و مساء".
و روى معاية بن الحكم السلمي أن النبي (صلى الله عليه السلام) قال لجاريته: "أين الله؟" قالت: "في السماء". قال: "من أنا؟" قالت: "أنت رسول الله". قال: "اعتقها فإنها مؤمنة".
رواه مسلم بن الحجاج و أبو داود و أبو عبدالرحمن النسائي.
و من أجهل جهلا و أسخف عقلا و أضل سبيلا ممن يقول: إنه لا يجوز أن يقال: أين الله؟ بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله: "أين الله؟".
و روى أنس بن مالك قال: "كانت زينب بنت جحش تفخر على أزواج النبي (صلى الله عليه السلام) تقول: "زوجكن أهاليكن و زوجني الله من فوق سبع سموات". رواه البخاري.
و في حديث أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه السلام) ذكر المؤمن عند موته و أنه يُعرَج بروحه حتى ينتهي إلى السماء التي فيها الله عز و جل. رواه الإمام أحمد و الدارقطني و غيرهما.
و روى أبو الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول: "من اشتكى منكم أو اشتكى أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء و الأرض كما رحمتك في السماء اغفر لنا حوبنا و خطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة و شفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ".
رواه أبو القاسم الطبري في "سننه".
و في هذه المسألة أدلة من الكتاب و السنة يطول بذكرها الكتاب.
و منكر أن يكون الله في جهة العلو بعد هذه الآيات و الأحاديث مخالف لكتاب الله منكر لسنة رسول الله.
و قال مالك بن أنس: الله في السماء و علمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان.
و قال الشافعي: خلافة أبي بكر حق قضاها الله في سمائه و جمع عليها قلوب أصحاب نبيه (صلى الله عليه السلام).
و قال عبدالله بن المبارك: نعرف ربنا فوق سبع سماوات بائنا من خلقه و لا نقول كما قالت الجهمية: إنه ها هنا و أشار إلى الأرض.
صفة الوجه
و من الصفات التي نطق بها القرآن و صحت بها الأخبار: الوجه.
قال الله عز و جل: "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" (القصص: 88).
و قال الله عز و جل: "َيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" (الرحمن: 27).
و روى أبو موسى عن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "جنات الفردوس أربع: ثنتان من ذهب حليتهما و آنيتهما و ما فيهما و ثنتان من فضة حليتهما و آنيتهما و ما فيهما و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن".
و روى أبو موسى قال: قام فينا رسول الله بأربع فقال: "إن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام يخفض القسط و يرفعه يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار و عمل النهار قبل الليل حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره" ثم قراء: "أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا" (النمل: 8) رواه مسلم.
فهذه صفة ثابتة بنص الكتاب و خبر الصادق الأمين فيجب الإقرار بها و التسليم كسائر الصفات الثابتة بواضح الدلالات.
صفة النزول
و تواترت الأخبار و صحت الآثار بأن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا فيجب الإيمان به و ترك الاعتراض عليه و إمراره من غير تكييف و لا تمثيل و لا تأويل و لا تنزيه ينفي حقيقة النزول.
فروى أبو هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه السلام) قال: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له حتى يطلع الفجر".
و في لفظ: "ينزل الله" و لا يصح حمله على نزول القدرة و لا الرحمة و لا نزول الملَك.
لما روى مسلم بإسناده عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه السلام) قال: "ينزل الله إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل فيقول: أنا الملِك أنا الملِك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يستغفرني فأغفر له حتى يضيء الفجر".
و روى رفاعة بن عرابة الجهني أن رسول الله (صلى الله عليه السلام) قال: "إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي أحدا غيري من ذا الذي يستغفرني أغفر له من ذا الذي يدعوني أستجيب له من ذا الذي يسألني أعطيه حتى ينفجر الصبح". رواه الإمام أحمد.
و هذان الحديثان يقطعان تأويل كل متأول و يدحضان حجة كل مبطل.
و روى حديث النزول علي بن أبي طالب و عبد الله بن مسعود و جبير بن مطعم و جابر بن عبد الله و أبو سعيد الخدري و عمرو بن عبسة و أبو الدرداء و عثمان بن أبي العاص و معاذ بن جبل و أم سلمة زوج رسول الله (صلى الله عليه السلام) و خلق سواهم.
و نحن مؤمنون بذلك مصدقون من غير أن نصف له كيفية أو نشبهه بنزول المخلوقين.
و قد قال بعض العلماء: سئل أبو حنيفة عنه يعني عن النزول فقال: ينزل بلا كيف.
و قال محمد بن الحسن الشيباني صاحبه - : الأحاديث التي جاءت أن الله يهبط إلى سماء الدنيا و نحو هذا من الأحاديث قد روتها الثقات فنحن نرويها و نؤمن بها و لا نفسرها.
و روِّنا عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: كنت أنا و أبي عابرين في المسجد فسمع قاصّا يقص بحديث النزول فقال: إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله إلى سماء الدنيا بلا زوال و لا انتقال و لا تغير حال.
فارتعد أبي و اصفر لونه و لزم يدي و أمسكته حتى سكن ثم قال: قف بنا على المتخوض فلما حاذاه قال يا هذا رسول الله أغير على ربه منك قل كما قال رسول الله (صلى الله عليه السلام) و انصرف.
قال حنبل: قلت لأبي عبدالله يعني احمد بن حنبل - : ينزل الله إلى سماء الدنيا. قلت: نزوله بعلمه أو بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا مالك و لهذا أمض الحديث على ما روي بلا كيف و لا حد على ما جاءت به الآثار و بما جاء به الكتاب.
و قال الإمام إسحاق بن راهويه: قال لي الأمير عبدالله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله (صلى الله عليه السلام): "ينزل ربنا كل ليلة على سماء الدنيا" كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير لا يقال لأمر الرب كيف؟ إنما ينزل بلا كيف.
و من قال يخلو العرش عند النزول أو لا يخلو فقد أتى بقول مبتدع و رأي مخترع.
صفة اليدين.
و من صفاته سبحانه الواردة في كتابه العزيز الثابتة عن رسوله المصطفى الأمين: اليدان.
قال الله عز و جل: "بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ" (المائدة: 64).
و قال عز و جل: "مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ" (ص: 75).
و روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "التقى آدم و موسى فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك ملائكته خيبتنا و أخرجتنا من الجنة. فقال آدم: أنت موسى كلمك الله تكليما و خط لك التوراة بيده و اصطفاك برسالته فبكم وجدت في كتاب الله: "وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى" قال بأربعين ألف سنة. قال: فتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين ألف سنة؟" قال النبي (صلى الله عليه السلام): "فحج آدم موسى".
فلا نقول: يد كيد و لا نكيف و لا نشبه و لا نتأول اليدين على القدرتين كما يقول أهل التعطيل و التأويل بل نؤمن بذلك و نثبت له الصفة من غير تحديد و لا تشبيه و لا يصح حمل اليدين على القدرتين فإن قدرة الله واحدة و لا على النعمتين فإن نعم الله لا تحصى كما قال عز و جل: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا" (النحل: 18) و كل ما قال الله في كتابه و صح عن رسوله بنقل العدل عن العدل مثل: المحبة و المشيئة و الإرادة و الضحك و الفرح و العجب و البغض و السخط و الكُرْه و الرضا و سائر ما صح عن الله و رسوله و إن نبت عنها أسماع بعض الجاهلين و استوحشت منها نفوس المعطلين.
صفة النفس.
و مما نطق بها القرآن و صح بها النقل من الصفات: النفس. قال الله عز و جل إخبارا عن نبيه عيسى أنه قال: "تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ" (المائدة: 116).
و قال: "كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ" (الأنعام: 12).
و قال لموسى: "وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي" (طه: 41).
و روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "يقول الله عز و جل: أنا عند ظني عبدي بي و أنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و إن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير منهم و إن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا و إن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا و إن أتاني يمشي أتيته هرولة".
و روى أبو هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه السلام) : "لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فكتبه على نفسه فهو موضوع عنده على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي".
صفة الرؤية.
وأجمع أهل الحق و اتفق أهل التوحيد و الصدق أن الله تعالى يُرى في الآخرة كما جاء في كتابه و صح عن رسوله.
قال الله عز و جل: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" (القيامة: 22-23).
و روى جرير بن عبدالله البجلي قال: كنا جلوسا ليلة مع رسول الله (صلى الله عليه السلام) فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس و قبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ: "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ" (ق: 39). و في رواية: "سترون ربكم عيانا".
و روى صهيب عن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنةَ نودوا: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا لم تروه فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا و يزحزحنا عن النار و يدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه قال: فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه" ثم تلا: " لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ" (يونس: 26). رواه مسلم.
و قال مالك بن أنس: الناس ينظرون إلى الله تعالى بأعينهم يوم القيامة.
و قال أحمد بن حنبل: من قال: إن الله لا يُرى في الآخرة فهو كافر.
صفة الكلام.
و من مذهب أهل الحق أن الله لم يزل متكلما بكلام مسموع مفهوم مكتوب.
قال الله عز و جل: "وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا" (النساء: 164).
و روى عدي بن حاتم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه و بينه تُرجُمان ثم ينظر أيمن منه فلا ينظر إلا شيئا قدمه ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار و لو بشق تمرة فليفعل".
و روى جابر بن عبدالله قال: لما قُتِل عبدالله بن عمرو بن حرام قال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟" قال: بلى. قال: "و ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب و كلم أباك كفاحا قال: يا عبدالله تمن علي أعطيك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: فأبلغ من ورائي. فأنزل الله: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (آل عمران: 169). رواه ابن ماجه.
القرآن كلام الله.
و القرآن كلام الله و وحيه و تنزيله و المسموع من القاريء كلام الله.
قال الله عز و جل: "فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ" (التوبة: 6) و إنما سمعه من التالي.
و قال الله عز و جل: "يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ" (الفتح: 15).
و قال الله عز و جل: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر: 9).
و قال الله عز و جل: "وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ" (الشعراء: 192-194). و هو محفوظ في الصدور كما قال: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" (العنكبوت: 49).
و روى عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "استذكروا القرآن فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النَعْم من عُقُلِه".
و هو مكتوب في المصاحف منظور با لأعين.
قال الله: "وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ" (الطور: 1-3).
و قال"إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" (الواقعة: 77-79).
و روى عبدالله بن عمر أن النبي نهى أن يُسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو.
و قال عثمان بن عفان: ما أحب أن يأتي يوم و ليلة حتى أنظر في كلام الله يعني القرأة في المصحف.
و قال عبدالله بن أبي مليكة: كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه فيقول: كتاب ربي و كلام ربي.
و أجمع أئمة السلف و المقتدى بهم من الخلف على أنه غير مخلوق و من قال: مخلوق فهو كافر.
قال علي بن أبي طالب في القرآن: ليس بخالق و لا مخلوق و لكنه كلام الله منه بدأ و إليه يعود.
و قال عبدالله بن عباس و عبدالله بن مسعود: القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود.
و روي عن سفيان بن عيينة قال: سمعت عمرو بن دينار يقول: أدركت مشايخنا و الناس منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود.
رواه محمد بن جرير بن يزيد الفقيه و هبة الله بن الحسن بن منصور الحافظ الطبريان في كتاب "السنة" لهما.
و قد أدرك عمرو بن دينار أبا هريرة و ابن عباس و ابن عمر.
و احتج أحمد على ذلك بأن الله كلم موسى فكان الكلام من الله و الاستماع من موسى و بقوله عز و جل: "وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي" (السجدة: 13).
و روى الترمذي من رواية خباب بن الأرت أن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "إنكم لن تتقربوا إلى الله بأفضل مما خرج منه". يعني القرآن.
و نعتقد أن الحروف المكتوبة و الأصوات المسموعة عين كلام الله لا حكاية و لا عبارة.
قال الله عز و جل: "الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين" (البقرة: 1-2) و قال: "المص كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ" (الأعراف: 1-2). و قال: "الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ" (يوسف: 1). و قال: "المر" (الرعد: 1). و قال: "كهيعص" (مريم: 1). و قال: "حم عسق" (الشورى: 1-2).
فمن لم يقل إن هذه الأحرف عين كلام الله فقد مرق من الدين و خرج عن جملة المسلمين و من أنكر أن يكون حروفا فقد كابر العيان و أتى بالبهتان.
و روى الترمذي من طريق عبدالله بن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه السلام) أنه قال: "من قرأ حرفا من كتاب الله فله عشر حسنات".
قال الترمذي: هذا حديث صحيح. و رواه غيره من الأئمة و فيه: " أما إني لا أقول "آلم" حرف و لكن ألف حرف و لام حرف و ميم حرف".
و روى يعلى بن مملك عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله (صلى الله عليه السلام) فإذا هي تنعت قراءة مفسّرة حرفا حرفا.
رواه أبو داود و أبو عبدالرحمن النسائي و أبو عيسى الترمذي و قال: حديث صحيح حسن غريب.
و روى سهل بن سعد الساعدي قال: بينما نحن نقترئ إذ خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه السلام) فقال: "الحمد لله كتاب الله واحد و فيكم الأخيار و فيكم الأحمر و الأسود اقرءوا القرآن قبل أن يأتي أقوام يقرؤونه يقيمون حروفه كما يقام السهم لا يتجاوز تراقيهم يتعجلون أجره و لا يتأجلونه". رواه أبو بكر الآجري و أئمة غيره.
و روي عن أبي بكر و عمر أنهما قالا: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.
و روى أبو عبيد في فضائل القرآن بإسناده قال: سئل علي عن الجنب يقرأ القرآن؟ فقال: لا و لا حرفا.
و قال عبدالله بن مسعود: من كفر بحرف منه يعني القرآن فقد كفر به أجمع.
و قال أيضا: من حلف بسورة البقرة فعليه بكل حرف يمين.
و قال طلحة بن مصرف: قرأ رجل على معاذ بن جبل فترك واوا فقال: لقد تركت حرفا أعظم من جبل أحد.
و قال الحسن البصري في كلام له: قال الله عز و جل: "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" (ص: 29) و ما تدبر آياته إلا اتباعه أما و الله ما هو بحفظ حروفه و إضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفا؟ و قد أسقطه و الله كله.
و قال عبدالله بن المبارك: من كفر بحرف من القرآن فقد كفر بالقرآن و من قال: لا أومن بهذه اللام فقد كفر.
و روى عبدالله بن أُنَيس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه السلام) يقول: "يُحشر الناس يوم القيامة و أشار بيده إلى الشام عراة غرلا بُهْما" قال: قلت: ما بُهْما؟ قال: "ليس معهم شيء فيناديهم بصوت يسمعه من بَعُدَ كما يسمعه من قَرُبَ: أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة و أحد من أهل النار يطلبه بمظلمة حتى أقُصَّه منه". قالوا: و كيف و إنما نأتي الله عراة غرلا بُهْما؟ قال: "بالحسنات و السيئات". رواه أحمد و جماعة من الأئمة.
و روى عبدالله بن مسعود أن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء كجَرٍّ السلسلة على الصفوان فيخرون سجدا". و ذكر الحديث.
و قول القائل بأن الحرف و الصوت لا يكون إلا من مخارج باطل و مُحال قال الله عز و جل: "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ" (ق: 30).
و كذلك قال إخبارا عن السماء و الأرض أنهما: "قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" (فصلت: 11) فحصل القول من غير مخارج و لا أدوات.
و روي عن النبي (صلى الله عليه السلام) أنه كلمه الذراع المسمومة.
و صح أنه سلم عليه الحجر و سلمت عليه الشجرة.
الإيمان بالقضاء و القدر.
و أجمع أئمة السلف من أهل الإسلام على الإيمان بالقدر خيره و شره حلوه و مره قليله و كثيره بقضاء الله و قدره لا يكون شيء إلا بإرادته و لا يجري خير و شر إلا بمشيئته خلق من شاء للسعادة و استعمله بها فضلا و خلق من أراد للشقاء و استعمله به عدلا فهو سر استأثر به و علم حجبه عن خلقه "لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ" (الأنبياء: 23). قال الله عز و جل: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ" (الأعراف: 179) و قال تعالى: "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" (السجدة: 13) و قال: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر: 49).
و روى علي بن أبي طالب قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله (صلى الله عليه السلام) فقعد و قعدنا حوله و معه مٍخْصَرة فنكَّس و جعل ينكت بمٍخصرته ثم قال: "ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من الجنة و مقعده من النار". فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: "اعملوا فكل ميسَّرٌ لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة و أما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاء" ثم قرأ: "فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى" (الليل: 5-7).
و روى عبدالله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله و هو الصادق المصدوق: "أن خلق أحدكم يجتمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات يكتب رزقه و أجله و عمله و شقي و سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبقه عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها".
و في حديث عمر بن الخطاب الذي رواه مسلم في الصحيح و أبو داود في السنن و غيرهما من الأئمة أن جبريل قال للنبي: ما الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره". قال: فإذا فعلتُ ذلك فقد آمنت؟ قال: "نعم". و فيه من الأدلة ما لو استقصيناه لأدى إلى الإملال.
الإسراء و المعراج.
و أجمع القائلون بالأخبار و المؤمنون بالآثار أن رسول الله أُسْرٍي به إلى فوق سبع سماوات ثم إلى سدرة المنتهى أُسْرٍي به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسجد بيت المقدس ثم عُرٍج به إلى السماء بجسده و روحه جميعا ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح و من قال: إن الإسراء في ليلة و المعراج في ليلة فقد غلٍط و من قال: إنه منام و إنه لم يسري بجسده فقد كفر.
قال الله عز و جل: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ" (الإسراء: 1).
و روى قصة الإسراء عن النبي (صلى الله عليه السلام) أبو ذر و أنس بن مالك و مالك بن صعصعة و جابر بن عبدالله و شداد بن أوس و غيرهم. كلها صحاح مقبولة مرضية عند أهل النقل مخرَّجة في الصحاح.
رؤية النبي (صلى الله عليه السلام) لربه عز و جل.
و أنه رأى ربه عز و جل كما قال تعالى: "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى" (النجم: 13-14).
قال الإمام أحمد فيما روٍّنا عنه: و أن النبي (صلى الله عليه السلام) رأى ربه فإنه مأثور عن النبي (صلى الله عليه السلام) صحيح رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس.
و روى الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
و رواه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس.
و الحديث على ظاهره كما جاء عن النبي (صلى الله عليه السلام) و الكلام فيه بدعة و لكن نؤمن به كما جاء على ظاهره و لا نناظر فيه أحدا.
و رُوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة و اصطفى موسى بالكلام و اصطفى محمدا بالرؤية.
و روى عطاء عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه مرتين.
و روي عن أحمد أنه قيل له: بم تجيب عن قول عائشة (رضي الله عنها): "من زعم أن محمدا قد رأى ربه..." الحديث؟ قال: يقول النبي (صلى الله عليه السلام): "رأيت ربي عز و جل".
و في حديث شريك بن عبدالله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "فرجعت إلى ربي و هو في مكانه" و الحديث بطوله مُخَرَّجٌ في الصحيحين و المنكٍر لهذه اللفظة راد على الله و رسوله.
الشفاعة.
و يعتقد أهل السنة و يؤمنون بأن النبي (صلى الله عليه السلام) يشفع يوم القيامة لأهل الجمع كلهم شفاعة عامة و يشفع في المذنٍبين من أمته فيُخرجهم من النار بعدما احترقوا.
كما روى أبو هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه السلام) قال: "لكل نبي دعوة يدعو بها فأريد إن شاء الله أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".
و روى أبو هريرة أنه قال: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: "لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولَ منك لما رأيت من حرصك على الحديث. إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قٍبَلَ نفسه". رواه البخاري.
و روى حديث الشفاعة بطوله أبو بكر الصديق و عبدالله بن عباس و عبدالله بن عمر بن الخطاب و أنس بن مالك و حذيفة بن اليمان و أبو موسى عبدالله بن قيس و أبو هريرة و غيرهم.
الإيمان بالحوض.
ثم الإيمان بأن لرسول الله حوضا ترده أمته كما صح عنه.
و أنه كما بين عدن إلى عمان البلقاء.
و روي: "من مكة إلى بيت المقدس" و بألفاظ أُخَر: "ماؤه أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل و أكوابه عدد نجوم السماء". رواه عبدالله بن عمر و عبدالله بن عمرو و أبي بن كعب و أبو ذر و ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه السلام) و أبو أمامة الباهلي و بريدة الأسلمي.
الإيمان بنعيم القبر و عذابه.
و الإيمان بعذاب القبر حق واجب و فرض لازم؟ رواه عن النبي علي بن أبي طالب و أبو أيوب و زيدبن ثابت و أنس بن مالك و أبو هريرة و أبو بكرة و أبو رافع و عثمان بن أبي العاص و عبدالله بن عباس و جابر بن عبدالله و عائشة زوج النبي (صلى الله عليه السلام) و أختها أسماء و غيرهم.
و كذلك الإيمان بمسألة منكر و نكير.
الإيمان بالجنة و النار.
و الإيمان بأن الجنة و النار مخلوقتان لا تفنيان أبدا خُلقتا للبقاء لا للفناء و قد صح في ذلك أحاديث عدة.
الإيمان بالميزان.
و الإيمان بالميزان قال الله عز و جل: "وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ" (الأنبياء: 47).
الإيمان بأن الإيمان يزيد و ينقص.
و الإيمان بأن الإيمان قول و عمل و نية يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية قال الله تعالى: "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا" (التوبة: 124). و قال: "لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ" (الفتح: 4). و قال: "وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا" (المدثر: 31).
و روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "الإيمان بضع و سبعون و في رواية بضع و ستون شعبة و الحياء شعبة من الإيمان".
و لمسلم و أبي داود: "فأفضلها قول لاإله إلا الله و أدناها ماطة الأذى عن الطريق".
و الاستثناء في الإيمان سنة ماضية. فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ قال: إن شاء الله روي ذلك عن عبدالله بن مسعود و علقمة بن قيس و الأسود بن يزيد و أبي وائل شقيق بن سلمة و مسروق بن الأجدع و منصور بن المعتمر و إبراهيم النخعي و مغيرة بن مقسم الضبي و فضيل بن عياض و غيرهم.
و هذا استثناء على يقين قال الله: "لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ" (الفتح: 27).
و الإيمان هو الإسلام و زيادة قال الله: "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا" (الحجرات: 14).
و روى عبدالله بن عمر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه السلام) يقول: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صيام شهر رمضان و حج البيت".
فهذه حقيقة الإسلام.
و أما الإيمان: فحقيقته ما رواه أبو هريرة فيما قدمناه.
و روى سعد بن أبي وقاص قال: أعطى رسول الله رهطا و أنا جالس و ترك رسول الله (صلى الله عليه السلام) منهم رجلا هو أعجبهم إلي فقمت فقلت: مالك عن فلان؟ و الله إني لأراه مؤمنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "أو مسلما" ذكر ذلك سعد ثلاثا و أجابه بمثل ذلك ثم قال: "إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه خشية أن يُكَبَّ في النار على وجهه".
قال الزهري: فنرى أن الإسلام الكلمة و الإيمان العمل الصالح.
قلنا: فعلى هذا قد يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام و لا يخرج من الإسلام إلا إلى الكفر بالله.
الإيمان بخروج الدجال.
و نؤمن بأن الدجال خارج في هذه الأمة لا محالة كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه السلام) و صح عنه.
الإيمان بنزول عيسى بن مريم.
و أن عيسى بن مريم ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيأتيه و قد حصر المسلمون على عَقَبَة أفيق فيهرب منه فيقتله عند باب لُدّ الشرقي.
و لُدّ من أرض فلسطين بالقرب من الرملة على نحو ميلين منها.
الإيمان بالموت.
و نؤمن بأن ملَك الموت أُرسٍل إلى موسى فصكه ففقأ عينه كما صح عن رسول الله (صلى الله عليه السلام) لا ينكره إلا ضال مبتدع راد على الله و رسوله.
و نؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيُذبح كما رواه أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرئبُّون و ينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا الموت و كلهم قد رآه. ثم ينادي: يا أهل النار فيشرئبُّون و ينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت و كلهم قد رآه. فيُذبح. ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت" ثم قرأ: "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" (مريم: 39).
فصل في فضيلة نبينا محمد (صلى الله عليه السلام).
و نعتقد أن محمدا المصطفى خير الخلائق و أفضلهم و أكرمهم على الله و أعلاهم درجة و أقربهم إلى الله وسيلة بعثه الله رحمة للعالمين و خصه بالشفاعة في الخلق أجمعين.
روى جابر بن عبدالله أن رسول الله (صلى الله عليه السلام) قال: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر و جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل و أحلت لي الغنائم و لم تحل لأحد قبلي و أعطيت الشفاعة و كان النبي يبعث إلى قومه خاصة و بعثت إلى الناس عامة".
و روى أبو هريرة قال: كنا مع رسول الله في دعوة فرفع إليه الذراع و كانت تعجبه فنهش منها نهشة ثم قال: "أنا سيد الناس يوم القيامة". و ذكر حديث الشفاعة بطوله.
و روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول محمد. فيقول: بك أُمٍرْت أن لا أفتح لأحد قبلك". رواه مسلم.
و عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه السلام): "أنا سيد ولم آدم يوم القيامة و لا فخر و أول من ينشق عنه القبر و أول شافع و أول مشفَّع". رواه مسلم و أبو داود.
الصحابة.
و نعتقد أن خير هذه الأمة و أفضلها بعد رسول الله (صلى الله عليه السلام) صاحبه الأخص و أخوه في الإسلام و رفيقه في الهجرة و الغار أبو بكر الصديق وزيره في حياته و خليفته بعد وفاته عبدالله بن عثمان عتيق ابن أبي قحافة.
ثم بعده الفاروق ابو حفص عمر بن الخطاب الذي أعز الله به و أظهر الدين.
ثم بعده ذو النورين أبو عبدالله عثمان بن عفان الذي جمع القرآن و أظهر العدل و الإحسان.
ثم ابن عم رسول الله و ختنه علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم فهؤلاء الخلفاء الراشدون و الأئمة المهديون.
ثم الستة الباقون من العشرة: طلحة بن عبيدالله و الزبير بن العوام و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل و عبدالرحمن بن عوف و أبو عبيدة بن الجراح رضوان الله عليهم. فهؤلاء العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله (صلى الله عليه السلام) بالجنة فنشهد لهم بها كما شهد لهم بها اتباعا لقوله و امتثالا لأمره.
و قد شهد رسول الله (صلى الله عليه السلام) لثابت بن قيس و عبدالله بن سلام و لبلال بن رباح و لجماعة من الرجال و النساء من أصحابه.
و بشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه و لا نصب.
و اخبر أنه رأى الرميصاء بنت ملحان في الجنة.
فكل من شهد له رسول الله بالجنة شهدنا له و لا نشهد لأحد غيرهم بل نرجو للمحسن و نخاف على المسيء و نَكٍلُ علم الخلق إلى خالقهم.
فالزم رحمك الله ما ذكرت لك من كتاب ربك العزيز و كلام نبيك الكريم و لا تَحٍدْ عنه و لا تبتغي الهدى في غيره و لا تغتر بزخارف المبطلين و آراء المتكلفين فإن الرشد و الهدى و الفوز و الرضا فيما جاء من عند الله و رسوله لا فيما أحدثه المحدثون و أتى به المتنطعون من آرائهم المضمحلة و نتائج عقولهم الفاسدة و ارض بكتاب الله و سنة رسوله عوضا من قول كل قائل و زخرف و باطل.
فصل في فضل الاتباع.
روى جابر بن عبدالله قال: كان رسول الله يقول في خطبته: "نحمد الله تعالى و نثني عليه بما هو أهله". ثم يقول: "من يهده الله فلا مضل له و من يضلل الله فلا هادي له إن أصدق الحديث كتاب الله و أحسن الهدي هدي محمد و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار". ثم يقول: "بعثت و الساعة كهاتين و كان إذا ذكر الساعة احمرت وجنتاه و علا صوته و اشتد غضبه كأنه منذر جيش صبحكم و مساكم". ثم قال: "من ترك مالا فلأهله و من ترك دينا أو ضياعا فإلي و علي و أنا ولي المؤمنين". رواه مسلم و النسائي و لم يذكر مسلم: "و كل ضلالة في النار".
و روى زيد بن أرقم قال: "قام فينا رسول الله خطيبا فحمد الله و أثنى عليه و وعظ و ذكر ثم قال: "أما بعد أيها الناس: فإنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه و أنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور من استمسك به و أخذ به كان على الهدى و من ترك و أخطأه كان على الضلالة و أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي" ثلاث مرات رواه مسلم.
و روى العرباض بن سارية السلمي قال: وعظنا رسول الله موعظة بليغة ذرفت منها الأعين و وجلت منها القلوب فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: "أصيكم بتقوى الله تعالى و السمع و الطاعة و إن كان عبدا حبشيا فإنه من يعيش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة". رواه أبو داود و الترمذي و قال: حديث صحيح.
و رواه ابن ماجه و فيه: "و قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك".
و روى أبو الدرداء قال: خرج علينا رسول الله و نحن نذكر الفقر و نتخوفه فقال: "آلفقر تخافون؟ و الذي نفسي بيده لتُصَبَّنَّ الدنيا عليكم حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هيه وايم الله قد تركتكم على البيضاء ليلها و نهارها سواء". قال أبو الدرداء: صدق رسول الله تركَنا على مثل البيضاء ليلها و نهارها سواء. رواه ابن ماجه.
و روى أبو هريرة قال: قال رسول الله: "إني قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما ما أخذتم بهما أو عملتم بهما: كتاب الله و سنتي و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض". رواه أبو القاسم الطبري الحافظ في "السنن".
و قال أبو بكر الصديق في خطبته: إنما أنا متبع و لست بمبتدع.
و قال عمر بن الخطاب: قد فرضت لكم الفرائض و سنت لكم السنن و تركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا و شمالا.
و قال عبدالله بن مسعود: إنا نقتدي و لا نبتدي و نتبع و لا نبتدع و لن نضل ما تمسكنا بالأثر.
و روى الأوزاعي عن الزهري أنه روى أن النبي (صلى الله عليه السلام) قال: "لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن". فسألت الزهري: ما هذا؟ فقال: من الله العلم و على الرسول البلاغ و علينا التسليم أمّروا أحاديث رسول الله كما جاءت.
و في رواية: فإن أصحاب رسول الله أمَرُّوها.
و قال عمر بن عبدالعزيز: سن رسول الله (صلى الله عليه السلام) و ولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله و استكمال لطاعته و قوة على دين الله ليس لأحد تغييرها و لا تبديلها و لا النظر في الرأي من خالفها فمن اقتدى بما سنوا اهتدى و من استبصر بها بصر و من خالفها و اتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى و أصلاه جهنم و سأت مصيرا.
و قال الأوزاعي : اصبر على السنة و قف حيث وقف القوم و قل فيما قالوا و كُفَّ فيما كفوا و اسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم.
و قال نعيم بن حماد: من شبّه الله بخلقه فقد كفر و من أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر و ليس ما وصف الله به نفسه تشبيها.
و قال سفيان بن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف و لا مثل.
و قال أبو بكر المروذي: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات و الرؤية و الإسراء و قصة العرش فصححه أبو عبدالله و قال: تلقتها العلماء بالقبول تُمَرُّ الأخبار كما جاءت.
و قال محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة: اتفق الفقهاء كلهم من الشرق إلى الغرب على الإيمان بالقرآن و الأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله في صفة الرب من غير تفسير و لا تشبيه فمن فسّر اليوم شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي (صلى الله عليه السلام) و أصحابه فإنهم لم يفسروا و لكن أفتوا بما في الكتاب و السنة ثم سكتوا فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه وصفه بصفة لا شيء.
و قال عباد بن العوام: قدم علينا شريك بن عبدالله فقلنا: إن قوما ينكرون هذه الأحاديث: "إن الله ينزل إلى سماء الدنيا" و الرؤية و ما أشبه هذه الأحاديث؟ فقال: إنما جاء بهذه الأحاديث من جاء بالسنن في الصلاة و الزكاة و الحج و إنما عرفنا الله بهذه الأحاديث.
فهذه جملة مختصرة من القرآن و السنة و آثار من سلف فالزمها و ما كان مثلها مما صح عن الله و رسوله و صالح سلف الأمة ممن حصل الاتفاق عليه من خيار الأمة و دع أقوال من كان عندهم محقورا مهجورا مُبْعَدا مدحورا و مذموما ملوما و إن اغتر كثير من المتأخرين بأقوالهم و جنحوا إلى اتباعهم فلا تغتر بكثرة أهل الباطل.
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه السلام) أنه قال: "بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء". رواه مسلم و غيره.
و روي عن رسول الله (صلى الله عليه السلام) أنه قال: "ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة".
و في رواية: قيل قمن الناجية؟ قال: "ما أنا عليه و أصحابي".
رواه جماعة من الأئمة.
و اعلم رحمك الله أن الإسلام و أهله أُت,ا من طوائف ثلاث:
فطائفة ردت أحاديث الصفات و كذبوا رواتها فهؤلاء أشد ضررا على الإسلام و أهله من الكفار.
و أخرى قالوا بصحتها و قبولها ثم تأولوها فهؤلاء أعظم ضررا من الطائفة الأولى.
و الثالثة جانبوا القولين الأولين و أخذوا بزعمهم ينزهون و هم يكذبون فأداهم ذلك إلى القولين الأولين و كانوا أعظم ضررا من الطائفتين الأولتين.
فمن السنة اللازمة السكوت عما لم يرد فيه نص عن الله و رسوله أو يتفق المسلمون على إطلاقه و ترك التعرض له بنفي أو إثبات. فكما لا يثبت إلا بنص شرعي كذلك لا يُنفى إلا بدليل سمعي.
نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لما يرضيه من القول و العمل و النية و أن يحيينا على الطريقة التي يرضاها و يتوفانا عليها و أن يلحقنا بنبيه و خيرته من خلقه محمد المصطفى و آله و صحبه و يجمعنا معهم في دار كرامته إنه سميع قريب مجيب.
و كل حديث لم نضفه إلى من أخرجه فهو متفق عليه اخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما.
آخره و الحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا.
PAGE 22